سيرة الشيخ علي بن عبدالعزيز الضويان   "رحمه الله"

 

سيرة الشيخ علي بن عبدالعزيز الضويان   "رحمه الله"


مسيرة عطاء

تمثل سيرة ومسيرة الشيخ علي عبدالعزيز الضويان رحلة عصامية فريدة يندر أن تتكرر وكفاحاً صعباً للغاية، تحَمل وصَبر وكَافح حتى رزقه الله تعالى من واسع فضله وتَمكن أن يكون واحداً من أهم رجال الأعمال والعقارات ومن أبرز رجال الخير بالمملكة العربية السعودية.

     التعب والمآسي والصعاب ليست وحدها أشكال المعاناة التي عاشها، بل هي جزء يسير من سيرته ومسيرته. فقد نجح بعد سنوات من الجد والاجتهاد ليكون واحداً من رجال الأعمال السعوديين البارزين ومن وجهاء المجتمع.

وحظي بالمحبة والتقدير من مختلف الأوساط الاجتماعية نظير خلقه العالي وتعامله المثالي مع الجميع دون استثناء.


النشأة والبداية

بدأ الشيخ علي عبدالعزيز الضويان بتحمل المسئولية من وقت مبكر عندما وجد أهله يعملون ليل نهار حتى يأكلون ويحصلون على الريال بشق الأنفس كما هو حال المجتمع في ذاك الوقت، ومثله مثل باقي أبناء العائلات في نجد قام ليعمل مع أهله طوال اليوم من الفجر حتى المغرب براتب ربع ريال.

ورغم عمره الذي لم يتجاوز السنوات العشر، إلا أن عصامية وطموحه لم يمنعه من المغامرة والذهاب إلى منطقة بعيدة في مقاييس ذلك الزمن عن الأهل والأقارب وخوض غمار تجربة طويلة امتدت أكثر من ستين عاماً.

في (أشيقر)، وبالتحديد في عام 1347هـــ، وُلد الشيخ علي عبدالعزيز الضويان صاحب مجموعة الضويان التجارية، وأمام قسوة الحياة وشظف العيش وصعوبة الحصول على الرزق، اتخذ القرار الصعب، وترك مسقط رأسه وهوى قلبه وبحث عن حياة جديدة في منطقة أخرى.

كباقي الأبناء الذين اشتغلوا مع التجار خارج المنطقة، خرج الشيخ علي الضويان من أشيقر  لما رأى  احتياج والده  وإخوانه، وأخذ على نفسه متكلاً على الله أن يكون لهم سندا وعونا .

خرج فجراً في صبيحة ليلة باردة مسافراً إلى الجبيل وعندما فقده أبوه أخذ يلحق به على الجمل . إلا أنه لم يدركه.

استغرقت رحلته إلى الجبيل عشرين يوماً، بدأ منها مسيرته في المنطقة الشرقية التي استغرقت حياته كلها، وهي حياة حافلة مليئة بالإصرار والتحدي والرغبة في النجاح وإثبات الوجود.

  في الجبيل، اشتغل الشيخ موظفا صغيرا عند عبدالرحمن بن راشد لفترة قصيرة ثم عمل عند عبدالرحمن السحيمي. كسب فيها نتيجة عمله وإخلاصه، وكان يرسل لأهله بأشيقر لسد حاجتهم وتحسين أوضاعهم.

تعامل معه السحيمي كأحد أفراد أسرته وأحبه لأمانته وصدقه، واستمرت هذه المحبة حتى يومنا هذا.

وعندما توافر بعض المال في جيب الشيخ علي الضويان، ذهب لأحد الأشخاص من عائلة الشريم آنذاك وطلب منه أن يعلمه القراءة والكتابة مقابل أن يعطيه مالاً، حيث أدرك الضويان أن الإنسان مهما فعل لن يصبح شيئا بدون علم، ضحك الشريم وقال له سأعلمك بدون فلوس، لكن الضويان أصر على أن يعطيه الفلوس مقابل ما يتعلمه وذلك لإيمانه بحقوق الأخرين والأخذ والعطاء.

   ثم بدأت الحرب العالمية الثانية، وانطلق الشيخ علي عبدالعزيز الضويان في تجارة القماش وكان يبيع جزءاً من تجارته في القطيف ينقلها على ظهور الحمير وربح وتوسعت أعماله (يوم يربح خمسين روبية ويوم يربح مائة روبية) وكَون رأس مال (ألف روبية). ومن أشهر التجار الذين تعامل معهم هناك كان إبراهيم البحارنه رحمه الله، ثم انتقل برأس ماله إلى تجارة استراتيجية يحتاج إليها كل الناس ولا يستغني عنها أحد، وهي تجارة المواد الغذائية. لكنها لم تكن التجارة المناسبة له، وضاقت الجبيل بأحلام الشيخ علي فآثر أن ينتقل إلى الدمام ومعه ما اكتسبه من خبرات وما اختزنه من تجارب، ليشتري سيارة مستعملة، ويستورد البضائع من هولندا وأمريكا ويرصد أفعال من سبقه من التجار ليقتدي بها، ويكتب الى الشركات الأجنبية ما يحتاج إليه من بضاعة، ليأتيه الرد بعد شهرين فيفتح اعتماداً في البنك، وعندما تأتي البضاعة يتولى تخليصها وبيعها.

كان الشيخ علي الضويان رجلاً نصوحا ويفرح إذا ربح الناس ويسعد عندما يسمع أن الآخرين ربحوا من تجارته ومن بضاعته، وكان لا يتردد في مساعدة الأخرين وتقديم الاستشارة والنصيحة لكل التجار والعاملين معه.


زواجه وأبنائه

في عام  1363 هـــــ، عاد الشيخ على الضويان وقام ببناء بيت الطين المعروف حالياً في ساحة أشيقر الكبيرة، وتزوج في أشيقر، وكَون عائلته التي تتكون من ولدين وخمس بنات.


حرصه على التعليم

كان الشيخ علي الضويان ذكيا وفطناً وشديد الحرص على التعليم وكان يدعم تعليم الأبناء والأحفاد، ويفرح عند نجاحهم ويزيد من ثقته فيهم.

وكان منصتا جيدا ويتسم بالمرونة والتمكين والاستجابة والاستماع لمختلف الآراء وتقبلها.


رحلته في عالم التجارة

في ذلك الوقت كانت الدمام - بما شهدته من تطور - قد بدأت تجتذب كثيراً من البيوت التجارية التي بدأت في الجبيل مثل السعدي والقاضي والسحيمي والمعجل وابن يعيش. وفي عام 1385ه، بدأ في تجارة العقارات، فقد اشترى أرضا في شارع الظهران وخططها وباعها وكسب - خلال شهرين - 250 ألف ريال، ليكتب الكلمة الأولى في قصة نجاحه ويصبح في فترة الطفرة من أشهر تجار العقار في المنطقة في تلك الفترة، سانده في ذلك ابنه الأكبر فهد ابتداءً من عام 1979 بعد حصوله على البكالوريوس في الإدارة وكان سندا لوالده في التنظيم والإدارة، حيث بدأ تأسيس العمل التجاري مع والده  ثم التحق لمساعدتهما أيضاً الابن خالد والذي كان له دور فاعل في إكمال نجاح هذه التجارة .

فكانا يعملان مع والدهما بجد واهتمام وكل منهما يكمل الآخر حتى أصبح الشيخ علي يعتمد عليهما ويطمئن على مستقبل تجارته بهما  .

توافق ذلك مع ما شهده سوق العقار من انتعاش كبير حيث تضاعفت أسعاره اضعافاً مضاعفة وأقبل كثيرون على الاقتراض من البنوك وشراء أراض كثيرة والاحتفاظ بها طمعا في ربح أكثر، إلا انهم خسروا خسارة كبيرة بعد أن انتهت الطفرة وعادت الأسعار إلى سيرتها الأولى، ونجا علي الضويان من هذا المأزق لأنه كان يشتري العقار ويبيعه ولا يحتفظ به لتجنب الانخفاض المفاجئ في الأسعار ولحرصه على سرعة دوران رأس المال في هذا القطاع الذي قد يتعرض لهزات كثيرة وكبوات مفاجئة، ولكنه لا يلبث أن ينهض منها ويعود قوياً منتعشاً كما كان، كما حصل  بعد انتهاء حرب الخليج الثانية.


رؤيته لسوق العقار

حتى تتمتع سوق العقار بالاستقرار، كان يرى الشيخ على الضويان أهمية وجود تنظيمات تحد من ارتفاعات الأسعار غير الواقعية مثل التركيز على تنويع قنوات الاستثمار وتوفير الخدمات اللازمة لمخططات الأراضي الواقعة ضمن النطاق العمراني وايجاد نظام للفصل بين الأراضي المعدة للبناء والأخرى المعدة للتجارة والتي لا تحتاج إلى خدمات إلا بعد عدة سنوات. كما أن تقسيم السوق إلى تخصصات يساعد على استقراره ويوفر المصداقية للعاملين فيه.

           وكان يرى أن المنطقة الشرقية تمتلك امكانات طبيعية ساحرة تؤهلها لتلعب دوراً مهما على خارطة السياحة في المملكة وعلى خارطة السياحة العربية، ويرى أن المجمعات التجارية الكبيرة ومن بينها مجمع الحياة بلازا الذي يمتلكه هو نوع من الاستثمار السياحي ومعالم من معالم التطور الحضاري في المنطقة.


تجربة ونصيحة

كان الشيخ علي قبل وفاته يشعر بالرضا على ما حققه من نجاح خلال رحلته الطويلة في دنيا المال والأعمال ويحمد الله كلما تذكر البدايات الصعبة وصعوبة الحياة في (اشيقر) وقراره الصعب بترك مسقط رأسه والرحيل إلى الجبيل بعيداً عن الأهل والأقارب والأصدقاء وبدء رحة التحدي بكل ما فيها من مشقة ومعاناة وإصرار على النجاح. وكان ينصح الشباب بأن يتسلحوا بالخبرة والتخصص وأن يتعلموا من أصحاب التجارب السابقة.


أوقاف علي عبدالعزيز  الضويان

كان القرار المهم في مسيرة حياته هو تحويل أعماله إلى شركة مساهمة حيث كان حريصاً على وقف أفضل حلال عنده. فكانت الشركة خيارا متزنا، ثم أوقف ثلث أسهمها لذريته ولأعمال الخير لينتفع بأجرها في الدنيا والآخرة، وقام بتسجيل ثلث الحلال ليكون وقفا له ولعائلته فهو حريص على رفاهية عائلته ورفع اسمها ومكانتها.

      واليوم، فإن أوقاف الشيخ علي الضويان – رحمه الله - هي إحدى الأوقاف المانحة في المملكة العربية السعودية التي تؤمن بدورها في خدمة المجتمع السعودي والسعي للمشاركة في تحقيق رؤية المملكة 2030، وتُعنى بتقديم المنح للمشاريع والمبادرات المجتمعية المتركّزة في المجال التعليمي والاجتماعي والتأهيلي.

       المتأمل لرحلة علي عبدالعزيز الضويان، يجد خطوطاً عريضة حول سيرته ومسيرته، تحمل بين سطورها وطياتها كما كبيراً من الإنجازات والمهام والأعمال التي لا يمكن لمنصف إنكارها أو حصرها، وتتوالى الأيام لتسجل الإنجاز تلو الإنجاز والعمل المتواصل الذي تعجز الأقلام عن تسطيره.


وفاته

السبت 08 رجب 1442  الموافق   20 فبراير / شباط 2021م

رحم الله الفقيد الغالي ورفع درجاته في عليين وجمعنا به في جنات النعيم.